فشل المعارضة التونسية في تدويل القمع
موقع رهبویان قم الاخباری/دولی،بقلم عماد الشیخ من تونس:رغم ما تشهده تونس من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بما في ذلك سجن المعارضين، تعذيبهم نفسيًا وجسديًا، والتضييق على الحريات العامة والفردية، فإن المعارضة التونسية فشلت حتى الآن في تدويل هذه الانتهاكات، وتسليط الضوء دوليًا على ما يعانيه النشطاء والمعارضون في الداخل.
فرغم تعدد التقارير الحقوقية التي توثق ممارسات السلطة، إلا أن غياب استراتيجية إعلامية وسياسية ممنهجة من قبل المعارضة حال دون تحويل هذه المعاناة إلى قضية رأي عام دولي.
إن المتابع للشأن التونسي يلحظ بوضوح كيف أصبحت السلطة في تونس تُمارس سياسة قمع ممنهجة وصلت إلى حد الشروع في القتل البطيء للمعارضين، سواء عبر ظروف احتجاز لا إنسانية، أو محاكمات سياسية ملفقة، أو عبر التشويه الإعلامي الممنهج. وها نحن نرى رموز المعارضة تُهان، وتُصفّى سياسيًا ومعنويًا، في مشهد يعكس مسعى النظام لتصفية كل من يملك رأيًا مخالفًا، ليتفرّد الحاكم بقراراته دون رقيب أو مساءلة.
الأخطر من ذلك، أن دائرة الاستهداف لم تعد مقتصرة على السياسيين والنشطاء فحسب، بل امتدت إلى المواطنين العاديين. يكفي أن يكتب أحدهم جملة ناقدة على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى يجد نفسه عرضة للملاحقة القضائية استنادًا إلى قوانين جائرة سُنّت بليل، ووفق نزوات الحاكم لا أكثر. لقد أصبح الرعب سمة عامة في المجتمع، والهمس بديلاً عن الكلمة الحرة، والسكوت عن الظلم وسيلة للبقاء.
كل هذا يحدث في دولة يصنفها المجتمع الدولي – في مفارقة مؤلمة – على أنها “آمنة”، في تجاهل شبه تام لواقع الانهيار السياسي والاقتصادي والحقوقي. كيف يُعقل أن يُعتبر بلدٌ منهك اقتصاديًا، يعيش مواطنوه تحت وطأة الفقر والخوف والقمع، بلدًا آمنًا؟ وكيف لم تنجح المعارضة في كشف هذه المغالطة، وتعرية هذا الزيف أمام المنظمات الدولية، والهيئات الأممية، وصنّاع القرار في العواصم المؤثرة؟
إن هذا الإخفاق لا يعبّر فقط عن محدودية الأدوات والموارد، بل يكشف أيضًا عن غياب الرؤية الاستراتيجية والقدرة على بناء تحالفات دولية فعالة. فالنظام التونسي الحالي لم يكن ليتجرأ على هذا القدر من الاستبداد لولا شعوره بانعدام أي كلفة سياسية دولية لسلوكياته.
وعليه، فإن مسؤولية المعارضة – في الداخل والخارج – لم تعد تقتصر على مقاومة القمع، بل باتت مطالبة بصياغة خطاب موحد، عقلاني، يُخاطب الضمير الإنساني العالمي، ويُسائل المنظمات الدولية عن ازدواجية معاييرها. فالتدويل لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية لكل من يؤمن بتونس مدنية، ديمقراطية، تحترم الإنسان وتُكرّس حقوقه، لا تسحقه باسم القانون وتُخضعه باسم “الاستقرار”.
ارسال دیدگاه