بعد الضربات الأمريكية لمنشآت إيران النووية: بين التصعيد العسكري والدبلوماسية الغامضة
موقع رهبویان قم الاخباری/دولی:بعد الضربات الأمريكية لمنشآت إيران النووية: بين التصعيد العسكري والدبلوماسية الغامضة بقلم: عماد بالشيخ صحفي ومحلل سياسي من تونس
ستة أيام فقط بعد الضربة العسكرية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، تنقلب نغمة البيت الأبيض من لهجة التصعيد إلى دعوات “غير واضحة المعالم” نحو الحوار المباشر مع طهران. هذا التحول المفاجئ في الخطاب الأميركي يكشف، مرة أخرى، عمق التناقض في استراتيجية واشنطن تجاه الجمهورية الإسلامية، ويفتح باب الشكوك حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية تمتلك بالفعل خطة واقعية لمعالجة الملف النووي الإيراني، أم أن الأمر لا يعدو كونه رد فعل فوضوي لحظة انفجار التوتر.
من القصف إلى التفاوض: غموض استراتيجي في إفادة مغلقة لأعضاء الكونغرس، نقل مسؤولون في إدارة ترامب – وعلى رأسهم وزير الخارجية ماركو روبيو – رسائل تؤكد أن الهدف التالي هو “إقناع إيران” بالجلوس إلى طاولة الحوار دون وسطاء. لكن المفارقة أن هذا التوجه لم يكن مصحوباً بأي إشارات عملية أو عروض واضحة، بل اكتفى المسؤولون بتكرار رغبة عامة في العودة إلى المفاوضات، في وقت لا تزال فيه تداعيات الضربة العسكرية تتفاعل إقليمياً ودولياً. العديد من النواب، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أعربوا عن شكوكهم العميقة، خصوصاً أن طهران لم تُبدِ أي استعداد حتى الآن للتجاوب مع هذا الطرح – بل على العكس، اعتبر المرشد الأعلى السید علي خامنئي في خطاب مسجّل أن ما جرى هو “انتصار على أميركا وإسرائيل”. صدمة داخل الكونغرس: لا رؤية، لا وضوح الإفادة التي حصل عليها النواب لم تكن مريحة أو مطمئنة، بل زادت من غموض الموقف الأميركي.
رئيس الأقلية الديمقراطية هاكيم جيفريز وصفها بأنها “غير مثمرة”، فيما اعتبر النائب جيسون كرو – الجندي السابق – أن المعلومات المقدمة تتناقض بشكل صارخ مع ما تم عرضه على الكونغرس في الأشهر السابقة. أما النائب بيل فوستر، العالم السابق في مختبرات الطاقة، فقد عبّر عن “خيبة أمله العميقة” من غياب أي تأكيد بأن الضربة هدفت لتأمين أو تدمير المواد النووية الإيرانية.
واعتبر أن “التفاؤل المفرط” حول نتائج الضربة لا يستند إلى معطيات حقيقية، خاصة وأن اليورانيوم المخصب لا يزال موجوداً داخل المنشآت الإيرانية.
ترامب بين التصعيد والمساومة في تناقض واضح مع رسائل دبلوماسييه، لمّح الرئيس ترامب في تصريح صحفي إلى احتمال شن ضربات جديدة إذا ثبت أن إيران عادت لتخصيب اليورانيوم. بل وذهب إلى حد التنديد بخامنئي لعدم “شكره” على تجنيبه الموت، قائلاً إنه فكر في رفع العقوبات ثم تراجع بسبب لهجة الخطاب الإيراني.
مثل هذه التصريحات، المليئة بالتقلبات والذاتية، تسهم فقط في تعقيد المشهد وإضعاف مصداقية أي طرح تفاوضي، وتدفع المتابعين للتساؤل: من يدير فعلاً السياسة الخارجية الأميركية في هذا الملف؟ وهل نحن أمام استراتيجية واضحة أم مجرد لعبة إعلامية انتخابية؟
ختامًا: خطر التصعيد الصامت رغم اللهجة الهادئة التي حملتها الإفادات المغلقة، إلا أن الواقع السياسي والعسكري يشير إلى وضع أكثر اضطراباً.
فبين ضربات لا تحقق أهدافها الحقيقية، ورسائل دبلوماسية دون أدوات، تظل إيران في وضع نووي غامض، والولايات المتحدة في حالة تخبط. الشيء الوحيد المؤكد في هذا المشهد، هو أن الوقت لا يعمل لصالح أحد. فالفراغ الاستراتيجي، مصحوبًا بسوء التقدير، قد يُمهّد لتصعيد جديد – قد لا يكون محدودًا هذه المرة.
ارسال دیدگاه